سورة النحل - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)}
87- حينئذٍ استسلم المشركون للَّه، وخضعوا لقضائه، وغاب عنهم ما كانوا يختلقونه من أن معبوداتهم تشفع لهم، وتدفع العذاب عنهم.
88- الذين كفروا ومنعوا غيرهم عن طريق اللَّه، وهو طريق الخير والحق، زدناهم عذابا فوق العذاب الذي استحقوه بالكفر، بسبب ما كانوا يتعمدونه من الإفساد وإضلال العباد.
89- وحذر- أيها النبى- كفار قومك مما سيحصل يوم نُحضر من كل أمة شهيداً عليها، هو نبيها الذي يكون بين أبنائها، ليكون ذلك أقطع لعذرها، ونجئ بك- أيها النبى- شهيداً على هؤلاء الذين كذبوك، وعليهم أن يعتبروا من الآن، قد نزلنا القرآن فيه بيان كل شيء من الحق، وفيه الهداية، وفيه الرحمة والبشرى بالنعيم، للذين يذعنون له ويؤمنون به.
90- إن اللَّه يأمر عباده بأن يعدلوا في أقوالهم وأفعالهم، ويقصدوا إلى الأحسن من كل الأمور، فيفضلوه على غيره، كما يأمر بإعطاء الأقارب ما يحتاجون إليه لدعم روابط المحبة بين الأسر، وينهى عن فعل كل خطيئة، خصوصاً الذنوب المفرطة في القبح، وكل ما تنكره الشرائع والعقول السليمة، كما ينهى عن الاعتداء على الغير، واللَّه- سبحانه- بهذا يذكركم ويوجهكم إلى الصالح من أموركم، لعلكم تتذكرون فضله في حسن توجيهكم، فتمتثلوا كلامه.
91- وأوفوا بالعهود التي تقطعونها على أنفسكم، مشهدين اللَّه على الوفاء بها، ما دام الوفاء متسقا مع ما شرعه اللَّه، ولا تنقضوا الأيمان بالحِنث فيها، بعد تأكيدها بذكر اللَّه، وبالعزم و بالتصميم عليها وقد راعيتم في عهودكم وحلفكم أن اللَّه يكفل وفاءكم، وأن اللَّه رقيب ومطلع عليكم، فكونوا عند عهودكم وأيمانكم، لأن اللَّه- سبحانه- يعلم ما يكون منكم من وفاء وخُلف وبرّ وحِنث، فيجازيكم على ما تفعلون.


{وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)}
92- ولا تكونوا في الحنث في أيمانكم بعد توكيدها مثل المرأة المجنونة التي تغزل الصوف وتحكم غزله، ثم تعود فتنقضه وتتركه محلولاً، متخذين أيمانكم وسيلة للتغرير والخداع لغيركم، مع أنكم مصرون على الغدر بهم، لأنكم أكثر وأقوى منهم، أو تنوون الانضمام لأعدائهم الأقوى منهم، أو لترجون زيادة القوة بالغدر، وإنما يختبركم اللَّه فإن آثرتم الوفاء كان لكم الغنم في الدنيا والآخرة، وإن اتجهتم إلى الغدر كان الخسران. وليبين لكم يوم القيامة حقيقة ما كنتم عليه تختلفون عليه في الدنيا، ويجازيكم حسب أعمالكم.
93- ولو شاء اللَّه لجعلكم أمة واحدة في الجنس واللون والإيمان ليس بينها تخالف، وذلك بخلقكم خلقا آخر. كالملائكة لا اختيار لها، ولكن شاء اللَّه أن تختلفوا في الأجناس والألوان، وأن يجعل لكم اختيارا، فمن اختار شهوات الدنيا وآثرها على رضا اللَّه تركه وما يريد، ومن أراد رضا اللَّه بالعمل الصالح سهّل له ما أراد. وتأكدوا بعد ذلك أنكم ستسألون جميعا يوم القيامة عما كنتم تعملون في الدنيا، وتجازون حسب أعمالكم.


{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)}
94- ولا تسلكوا سبيل الغدر، فتتخذوا الأيمان سبيلاً للتغرير والخديعة، فإنه بسبب ذلك تزل الأقدام فتبتعدوا عن المحجة المستقيمة، ويكون في ذلك إعراض عن سبيل اللَّه في الوفاء، وتكونون قدوة سيئة في الغدر، ويرى الناس فيكم صورة مشوهة للإسلام، فيعرضون عنه، وينزل السوء بكم في الدنيا لعدم الثقة فيكم بسبب صدّكم عن طريق الحق وينزل بكم عذاب مؤلم شديد الإيلام.
95- ولا تستبدلوا بالوفاء بالعهود المؤكدة متاع الدنيا، فهو قليل مهما كان كثيرا، لأن ما عند اللَّه من جزاء المحافظين على العهد في الدنيا، ومن نعيم الآخرة الدائم، خير لكم من كل ما يغريكم بنقض العهود، فتدبروا ذلك وافهموه إن كنتم من أهل العلم والتمييز بين الصالح وغير الصالح، ولا تفعلوا إلا ما فيه صلاح لكم في دنياكم وأخراكم.
96- فإن ما عندكم- أيها الناس- من نعيم ينفد وينتهى مهما طال زمنه، وما عند اللَّه من نعيم الآخرة خالد لا ينقطع، ولنكافئن الذين صبروا على مشاق التكاليف بما وعدناهم به، من حسن الثواب المضاعف على أعمالهم، ينعمون به نعيما دائما في الآخرة.
97- أن من عمل عملاً صالحا في هذه الدنيا، سواء كان ذكراً أو أنثى مندفعا إلى هذا العمل الصالح بقوة الإيمان بكل ما يجب الإيمان به، فإننا لا بد أن نحييه في هذه الحياة الدنيا حياة طيبة لا تنغيص فيها، تغمرها القناعة والرضا والصبر على مصائب الدنيا، والشكر على نعم اللَّه فيها، وفى الآخرة لا بد أن نجزى هذا الفريق من الناس حسن الثواب المضاعف على أعمالهم في الدنيا.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10